احتفاء المعهد الملكي بالذكرى العشرين لتربع جلالة الملك محمد السادس على عرش أسلافه الميامين

بمناسبة حلول الذكرى العشرين لتربع جلالة الملك محمد السادس نصره الله على عرش أسلافه الميامين، يتشرف المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية بالاحتفاء بهذه الذكرى التليدة، ذات المغزى التاريخي العميق، باستحضاره ما كان لسياسة جلالته الحصيفة من كريم الأفضال وعظيم المنجَزات في النهوض بالثقافة الوطنية عامة، والثقافة الأمازيغية على وجه خاص. ذلك أن من السمات المأثورة للعهد المحمدي الجديد توجيه جلالة الملك، حفظه الله، للأمة خطابَه السامي لعيد العرش، يوم 30 يوليوز 2001، أبرز فيه جلالته الطابع التعدّدي والوحدوي للهوية الوطنية من حيث إنها هوية متعددة "لأنها بنيت على روافد متنوعة، أمازيغية وعربية، وصحراوية إفريقية وأندلسية ساھمت كلھا وبانفتاح وتفاعل مع ثقافات وحضارات متنوعة في صقل ھویتنا وإغنائھا...".

 

وقد أبى جلالته إلا أن يعيد التأكيد على رسوخ الاقتناع بهذه التعددية التي تسِم هويتَنا الثقافية، وذلك في خطابه السامي بأجدير، في السابع عشر من أكتوبر 2001، الذي بمناسبته وضع جلالته طابعه الشريف على الظهير المحدث والمنظم للمعهد الملكي للثقافة الأمازيغية. كما أتى خطابُ جلالته في التاسع من مارس 2011، ليعزّز مكان الصدارة التاريخيّ الذي تتبَوَّأُه الثقافة الأمازيغية في سيرورة تشكيل الهوية الوطنية، ويدعو إلى ترسيمها في مشروع الدستور الذي تمّ التصويت عليه في استفتاء فاتح يوليوز 2011، المتَضَمِّن الإقرارَ بوضع الأمازيغية لغةً رسمية إلى جانب العربية. وبمقتضى منطوق مختلف الخطب السامية لجلالة الملك، فإن سياسة النهوض بالأمازيغية تقوم على مسلّمات رئيسة وهي: أن الأمازيغية ملك للمغاربة كافّة بدون استثناء؛ وأن النهوض بها مسؤولية الجميع؛ وأن على الثقافة الأمازيغية، بتجدّرها وعمق تاريخيَتها، أن تنفتح على ثقافات العالم، لكي تساهم في التقدّم والتنمية. وعلى الصعيد الاستراتيجيّ، فالنهوض بها يندرج ضمن مشروع جلالته لبناء مجتمع ديمقراطي وحداثيّ، مع الحفاظ على ثوابت الأمة المتمثلة في الإيمان بالله، وحب الوطن والولاء لأمير المؤمنين، والتشبث بالملكية الدستورية.

 

إن الخطب السامية لجلالة الملك، وتوجيهاته النيّرة ومساندته الدائمة لَمِنَ الدعامات الرئيسة للسياسة الثقافية واللغوية الجديدة التي يشهدها المغرب في ظل العهد الجديد. وتلك سياسةٌ منبَثقةٌ عن حسّ استراتيجيّ يجعل من الاعتراف بمجموع الإرث الثقافي واللغوي للشعب المغربي شرطاً أساسيا للوحدة الوطنية، من خلال ترسيخ هويته وتعزيزها. ذلك أنه، على الصعيد الوطني، كان لهذا الاقتناع فضلٌ كبير على الثقافة المغربية، بسائر تعابيرها، بما شهدتْهُ تنمية وازدهار. وعلى الصعيد الدولي، فإن الاعتراف الدستوري بتعدد التعابير الثقافية واللغوية وتنوعها، قد بوّأ المغربَ مكانة متميّزة في مصافّ الأمم، باعتبار ذلك مؤشراً دالّاً على وزن التطوّر الديمقراطي، وعلى حماية حقوق الإنسان، وعربوناً على أن الثقافة المغربية، قائمةٌ على مبادئ التسامح، واحترام الاختلاف في الوحدة، والعيش المشترك في بحبوحة من الانسجام.

 

Ahmed BOUKOUSأحمد بوكوس
عميد