الأستاذ أحمد بوكوس: المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية يشق طريقه بإصرار نحو غد أفضل

قال الأستاذ أحمد بوكوس عميد المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية إن المعهد حقق إنجازات مشرفة في ظرف وجيز، معتبرا أن هذه المؤسسة الأكاديمية، وبفضل الثقة المولوية السامية وتوجيهات مجلسها الإداري وتفاني جل العاملين بها استطاعت أن تشق طريقها نحو غد أفضل لتتبوأ الأمازيغية المكانة اللائقة بها في المؤسسات والمجتمع في ظل دولة الحق والقانون.

 

وشدد الأستاذ بوكوس خلال اللقاء الصحفي الذي نظمه المعهد يوم 16 أكتوبر 2006، بمناسبة الذكرى الخامسة للخطاب الملكي بأجدير وتأسيس المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية على أن هناك قناعة راسخة في كون الأمازيغية " ستضيف قيمة بالغة الأهمية في تفعيل صيرورة تحديث ودمقرطة وطننا: دولة ومجتمعا، بترسيخها للتعددية اللغوية والثقافية ولإسهامها في التنمية البشرية المستديمة".

 

وفي معرض حديثه عن الإنجازات التي حققها المعهد، أوضح الأستاذ أحمد بوكوس أن هذه الإنجازات شملت مجالات البحث العلمي والتعاون والاتصال والتنمية البشرية.

 

السيد العميد أحمد بوكوس إلى جانب الأمين العام للمعهد السيد الحسين المجاهد خلال الندوة

 

وأشار بخصوص المحور الأول إلى أنه انصب على النهوض بالبحث الأساسي في مجالات الأدب والفنون واللغة والتاريخ والأنتربولوجية والبيئة والتربية، عن طريق جمع وتوثيق وتدوين ودراسة مختلف تعابير الثقافة الأمازيغية.

 

أما على المستوى التربوي، فقد سعى المعهد، حسب الأستاذ أحمد بوكوس، إلى النهوض بتعليم اللغة الأمازيغية؛ وذلك بتعاون مع وزارة التربية الوطنية والتعليم العالي وتكوين الأطر والبحث العلمي، مبرزا أن اللجنة المشتركة بين المعهد والوزارة السالفة الذكر ساهمت في تفعيل هذا الورش الكبير، وذلك بإنتاج الأدوات الديداكتيكية لفائدة مختلف مستويات التعليم الإبتدائي.

 

وقد أنجز باحثو المعهد كتاب التلميذ " تيفاوين أتامازيغت" كما تم إنجاز كراسات الأنشطة الموازية للتعليم والكتب المصورة والحكايات وغيرها؛ إضافة إلى إعداد مصوغات للتكوين المستمر لفائدة مفتشي وأساتذة الأمازيغية، وأخرى لفائدة مراكز تكوين أساتذة التعليم الابتدائي وطلبة مسلك تكوين أساتذة التعليم الخاص بكلية علوم التربية بالرباط.

 

وفيما يخص التكوين المستمر أكد الأستاذ بوكوس أن المعهد ساهم في تكوين عدد كبير من مفتشي وأساتذة الأمازيغية، تلبية لطلبات أغلب الأكاديميات الجهوية للتعليم، بحيث استفاد من هذا التكوين ما بين 2003 - 2006 حوالي 264 مفتشا، و2122 أستاذا للتعليم الابتدائي و98 مكونا ينتمون لمختلف مراكز التكوين مشيرا إلى أن الدورات التكوينية بلغ عددها 120 دورة، أي ما يعادل 900 ساعة.

 

وعلى المستوى التكنلوجي، أكد الأستاذ أحمد بوكوس أن المعهد أنجز عملا مهما فيما يخص تنميط وترقيم حرف تيفيناغ، اعتمادا على تكنلوجيا الاعلام والاتصال الحديثة، إضافة إلى معيرة اللغة الأمازيغية بواسطة إعداد " قاموس الأمازيغية الأساس"، وكتب النحو والصرف، وإعداد المعاجم المتخصصة في هذا المجال.

 

أما المنشورات التي أصدرها المعهد، فقد قال الأستاذ بوكوس أن عددها بلغ 60 مؤلفا، تتناول مختلف التجليات المعرفية من أدب وتاريخ وبيئة ولغة وترجمة وإعلام وأنتربولوجية. كما تمت ترجمة مؤلفات وازنة من وإلى الأمازيغية، مسجلا أن إنجازات هامة من هذا القبيل لم تتأت للأمازيغية منذ الاستقلال.

 

كما تطرق الأستاذ بوكوس لمساهمة المعهد في توطيد مكانة الأمازيغية في مجال الاتصال، سواء المكتوب منه أو السمعي البصري بتعاون مع وزارة الاتصال، وكذا من خلال عمل اللجنة المشتركة بين المؤسستين، وخاصة في مجال تكوين الصحافيين.

 

وفيما يخص علاقة المعهد بالمحيط الخارجي، أوضح الأستاذ بوكوس أن المعهد تربطه علاقات تعاون مع هيئات ومؤسسات ثقافية و قطاعات وزارية ( وزارة التربية الوطنية والبحث العلمي وتكوين الأطر، ووزارة الاتصال، ووزارة الثقافة) ومؤسسات وطنية كديوان المظالم، و أخرى أجنبية كالمعهد الوطني للغات والحضارات الشرقية، فضلا عن الجمعيات الثقافية العاملة في مجال النهوض بالأمازيغية، وتلك التي تربطها بالمعهد علاقات شراكة وتعاقد.

 

وأضاف في هذا السياق أن المعهد يساهم في مسلسل التنمية البشرية من خلال تكوين الصحافيين ورصد ميزانية " 3 ملايين درهم" لدعم الجمعيات، ومثلها لجائزة الثقافة الأمازيغية.

 

وعلى الصعيد الاستراتيجي أكد السيد العميد على أن المجلس الإداري قد أرسى استراتيجية شاملة تحدد الأهداف القريبة والبعيدة، وخطط ووسائل العمل، وأوصى بالحماية الدستورية للأمازيغية لضمان توفر الظروف المؤسساتية الملائمة للنهوض بالأمازيغية، وذلك في إطار مشروع بناء المجتمع الحداثي الديمقراطي. وقد أبرز السيد العميد بأن المعهد قد أصبح نتيجة الجهود المذكورة إطارا مرجعيا وطنيا في الثقافة واللغة الأمازيغيتين، في مجالات البحث والتكوين والنشر، كما أصبح قطب امتياز في مجالات معيرة الأمازيغية، وتقعيد حرف تيفيناغ والترجمة من وإلى الأمازيغية، مما يؤهله لأن يلعب دورا مؤثرا على الصعيدين المغاربي والعالمي مستقبلا.

 

ورغم أن المعهد قد نجح في تحقيق هذه الإنجازات مع كونه مؤسسة فتية، فقد شدد الأستاذ بوكوس على أن " صيرورة رد الإعتبار الفعلي للأمازيغية والنهوض بها داخل المؤسسات العمومية والمجتمع"، مازالت تعترضها العديد من العراقيل، وإن كانت الآفاق المستقبلية للمغرب في مجال النهوض بالأمازيغية تبقى " جد واعدة"، خاصة إذا ما تم تجاوز تلك المعيقات التي تحول دون تحقيق هذا الهدف.

 

وأبرز أن من أهم معيقات عمل المعهد مسألة "الحماية القانونية للحقوق اللغوية والثقافية على المستويين الدستوري والمؤسساتي وعدم تحقيق التدابير الكفيلة بإدراج الامازيغية في المنظومة التربوية، بالرغم من إصدار المذكرات الوزارية في هذا الشأن، ومسألة ضمان الإشعاع للامازيغية في الفضاء الاجتماعي والثقافي والإعلامي وطنيا وجهويا ودوليا والتباطؤ في إدماجها في القنوات التلفزية العمومية، رغم أن مقتضيات دفاتر تحملات الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة وشركة صورياد ( دوزيم) تنص على ذلك.

 

كما تطرق السيد العميد للصعوبات التي تعتري عملية تدريس الامازيغية؛ من حيث تطور عدد المدارس أفقيا وعموديا، معتبرا أن النقائص الهيكلية للمعهد المتمثلة في ثقل إرث التدبير الإجرائي على عمادة المعهد والنقص في الكفاءات العالية من الموارد البشرية المرصودة لمهام البحث والإدارة تعرقل مهام التدبير الاستراتيجي للمعهد وتحول دون فعالية ونجاعة إنجاز برامج عمل المؤسسة على نطاق واسع.

 

ومن جهته، أشار السيد محمد الشامي عضو المجلس الإداري بالمعهد، في عرض له حول "إدراج الأمازيغية في المنظومة التربوية"، إلى أن المعهد تمكن بشراكة مع وزارة التربية الوطنية، من تذليل الاختلالات والتعثرات التي حالت دون تعميم البرامج الامازيغية، من ضمنها على الخصوص "تراجع التمدرس، وغياب تدريس الامازيغية في بعض المستويات، والخلل في توزيع الكتاب المدرسي، وضعف التأطير" لمواصلة تطبيق إدماج الأمازيغية في المسارات الدراسية. كما دعا السيد الشامي إلى بذل المزيد من الجهود في ميدان التأليف خاصة على المستوى الجامعي للسير قدما بمعيرة اللغة الأمازيغية.

 

أما السيد محمد صلو، الباحث بالمعهد، فقد استعرض بدوره حصيلة عمل اللجنة المشتركة بين المعهد ووزارة الاتصال بعد سنتين من التوقيع عليها، ونوه من جهته بروح الشراكة والحوار الصريح التي هيمنت على النقاشات والمبادرات التي اتخذتها اللجنة المشتركة لتعزيز وتشجيع مكانة اللغة والثقافة الأمازيغيتين في المجال العمومي ومأسسة الأمازيغية في وسائل الإعلام وتمكينها من الاضطلاع بدورها كاملا في التثقيف والإخبار والترفيه والإرشاد اليومي، باعتبارها عنصر إثراء وإغناء للشخصية الوطنية، وجزءا لا يتجزأ من الهوية الوطنية.

 

وللإشارة فإن هذا اللقاء الصحفي ساهم في تنشيطه إلى جانب السيد العميد كل من الأمين العام للمعهد الأستاذ الحسين المجاهد، والأستاذ محمد الشامي عضو المجلس الإداري والأستاذ محمد عبد الرحيم ممثل وزارة الاتصال بالمجلس الإداري للمعهد والأستاذ محمد صلو باحث بالمعهد وعضو اللجنة المشتركة بين المعهد ووزارة الاتصال.