المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية يعقد لقاءه التواصلي الثاني مع الجمعيات الوطنية العاملة في مجال النهوض بالأمازيغية

نظّم المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية اللقاء التواصلي الثاني مع الجمعيات العاملة في مجال النهوض بالأمازيغية، وذلك يومي 14 و15 دجنبر 2007، و هو لقاء يهدف إلى التواصل وتقويم حصيلة الشراكة بين المعهد والجمعيات خلال السنوات الثلاث الأخيرة، منذ الملتقى الأول ببوزنيقة سنة 2005 .

 

الجلسة الافتتاحية

 

 

وخلال الجلسة الافتتاحية لهذا اللقاء الذي نظم تحت شعار " جميعا من أجل النهوض بالأمازيغية"، و التي حضرها على الخصوص السيد خالد الناصري وزير الاتصال الناطق الرسمي باسم الحكومة، والسيد الحسين المجاهد الأمين العام للمعهد وممثلون عن مختلف الوزارات والمجلس الاستشاري لحقوق الإنسان، ومؤسسة ديوان المظالم، ووكالة تنمية أقاليم الشمال، والمنظمة المغربية لحقوق الإنسان، وأعضاء مجلس إدارة المعهد، وباحثو المعهد وأطره الإدارية، وممثلو وسائل الإعلام، أكد السيد أحمد بوكوس عميد المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية بأنّ اللقاء يندرج في إطار سياق عام حدّد سماته الأساسية في تنامي ثقافة حقوق الإنسان و خاصة منها الحقوق اللغوية والثقافية، و تطوّر النقاش العمومي نحو المزيد من الإنفتاح على عناصر التعدد و التنوّع الثقافي، مما يشكل في حد ذاته مكسبا للثقافة الأمازيغية في إطار حقوقي كوني واضح المعالم.

 

وشدد السيد العميد خلال هذا اللقاء على أهمية المواثيق الدولية فيما يخصّ السياسات الحكومية والعمومية في مجالات مختلفة، مضيفا أن هذه المواثيق تشجع النهوض بالأمازيغية لغة وثقافة.

 

و على المستوى الوطني قال السيد العميد أن المنظومة الحقوقية المعتمدة حاليا من طرف المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان لا تحتمل التجزئة، ووصفها بالمتكاملة والمتجانسة بحيث لا يمكن " أن نفصل بين الحقوق السياسية والإقتصادية والاجتماعية و بين الحقوق المرتبطة باللغة وبالثقافة".

 

السيد خالد الناصري وزير الاتصال الناطق الرسمي باسم الحكومة

 

وأوضح بأن المؤسسات التربوية والتعليمية والثقافية تسعى إلى إدماج ثقافة حقوق الإنسان في برامجها ومناهجها التربوية، مبرزا أن تنامي هذه الثقافة يساعد في التقدم نحو اكتساب مزيد من الشرعية والمشروعية للثقافة الأمازيغية.

 

وقال السيد العميد أن موضوع اللقاء التواصلي بين المعهد و الجمعيات هو" تدارس أوجه و مستويات الشراكة وترسيخ مسلسل النهوض بالثقافة و الهوية الأمازيغيتين"، موضحا أن معالم الإطار المرجعي الذي يشتغل فيه الطرفان واضحة، و كذا مرجعياته المتمثّلة -من الناحية السياسية- في خطب صاحب الجلالة (خاصة خطاب العرش لسنة 2001 وخطاب أجدير لنفس السنة). و من الناحية الحقوقية في المواثيق و العهود الدولية لحقوق الإنسان، و من الناحية الفكرية في مبادئ و توجّهات الحركة الأمازيغية.

 

و بعد أن دعا السيد العميد إلى ضرورة إيجاد أنجع الوسائل لتجويد الشراكة، ذكّر بأنّ أولى مبادئ الشراكة هي الإستقلالية و العقلانية و الثقة و الشفافية، مؤكّدا بأنّ هذه المبادئ لا تسمح مطلقا بأن يمارس أي طرف وصايته على الطرف الآخر، حيث للجمعيات توجّهاتها ومواقفها المستقلّة، و للمعهد أن يدعم المشاريع الجيّدة التي تمكّن من النهوض بالأمازيغية في كافة جهات المغرب. مضيفا أننا "مطالبون بصياغة توصيات يتم حولها التوافق، وعلى أساسها ستوضع خارطة طريق الشراكة التي من شأنها أن تلزم الطرفين: المعهد والجمعيات (198 جمعية)، بالمضي قدما في النهوض بالثقافة الأمازيغية عبر تطوير وتحديث أساليب عملهما.

 

وبالنسبة للآفاق المستقبلية، أكد السيد العميد على أنّ "توفر الإرادة السياسية جعلت سيرورة إعادة الاعتبار الفعلي للثقافة الأمازيغية، والنهوض بها في المؤسسات العمومية وفي المجتمع المغربي، أضحت مكتسبا متناميا لا رجعة فيه، وذلك على الرغم من كون هذه السيرورة تعاني من بعض العراقيل ذات الطبيعة التنظيمية والتقنية والثقافية. ولعل تعزيز مكانة الأمازيغية والنهوض بها لا يختلفان في ذلك عن الأوراش الوطنية الأخرى مثل إصلاح التعليم والعدل والنهوض بالمرأة وبحقوق الإنسان بصفة عامة...".

 

وشدد السيد العميد على "أن اقتناعنا الراسخ في كون السياسة المتبعة في مجال الأمازيغية، بترسيخها للتعددية اللغوية والثقافية، تعدّ من المؤشرات الدالة على جودة الحكامة ونجاعة سيرورة تحديث ودمقرطة وطننا دولة ومجتمعا".

 

جانب من الحضور

 

واختتم السيد العميد كلمته باستعراض حصيلة الشراكة بين المعهد والجمعيات في الفترة الممتدة ما بين 2005 و 2007 بلغة الأرقام، حيث أشار إلى أنّ الكلفة المالية الإجمالية لهذه الشراكة بلغت 15 مليون درهم. فعلى مستوى الإنجازات دعم المعهد 332 مشروعا تتوزع على الشكل الآتي: 176 مشروعا تقدمت به جمعيات من وسط المغرب، و 90 مشروعا تقدمت به جمعيات من الجنوب و 66 مشروعا اقترحته جمعيات من الشمال.

 

وعلى المستوى الكيفي أوضح السيد العميد أن المعهد دعم مشاريع تقدمت بها جمعيات مختلفة، من قبيل أنشطة ثقافية إشعاعية وأنشطة تتعلق بتعليم اللغة الأمازيغية و محاربة الأمية بها، وورشات حرف تيفناغ، والأنشطة الثقافية ذات الصلة بالتنمية البشرية، والنهوض بالفنون الأمازيغية مثل المسرح وكتابة السيناريوهات وغيرها، والأنشطة الموجهة للطفل والمرأة والمخيمات الصيفية.

 

واعتبر السيد العميد الحصيلة في هذا المجال ايجابية جدّا، وقد كان الملتقى الثاني فرصة للعمل على تجاوز النقائص المسجّلة، ولتحسين أداء الطرفين، كل من موقعه والدور المنوط به.

 

وعرف الملتقى -بعد الكلمة الافتتاحية- جلسة عمومية حول"حاضر وآفاق التشارك بين المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية والجمعيات العاملة في مجال النهوض بالثقافة الأمازيغية"، قدم خلالها الأستاذ أحمد عصيد عرضا تلته مناقشة عامة. ليتوزّع المشاركون بعد ذلك على ورشات أربع تناولت القضايا الآتية: تنظيم الشراكة و آلياتها، الشراكة في مجال التعليم، الشراكة في مجال الإعلام السمعي البصري و المكتوب، الشراكة في مجال الثقافة و التنمية.

 

وشهدت الأوراش نقاشات مستفيضة كانت ثمرتها توصيات ومقترحات عملية بلغ عددها 84 يتعلّق بعضها بالمعهد و بعضها الآخر بالحكومة و بعضها بالجمعيات.

 

و نذكر من أهمّها:

 

إحدى الورشات

 

  • توسيع مجالات الشراكة لتشمل التجهيزات ومعدات التكوين.

  • إعادة طبع دليل الجمعيات مع تحيينه وتدقيق محتوياته.

  • توفير الدعم اللازم لحماية التراث المادي من آثار ومعمار ونقوش صخرية.

  • ضرورة تدخل المعهد للحيلولة دون منع استعمال حرف تيفيناغ في الأنشطة الثقافية في الأماكن العمومية ( الجداريات/ اللافتات...).

  • عدم يقتصر المعهد على الدعم المادي وأن يساهم بالدعم المعنوي بالحضور والتكوين والتأطير والمساهمة الفكرية والإبداعية.

  • ضرورة إيلاء الأهمية المطلوبة للجالية المغربية المقيمة بالخارج.

  • المتابعة الميدانية لإدماج اللغة الأمازيغية في التعليم العمومي و الخاص.

  • عقد الجمعيات الشراكة مع كتابة الدولة في محاربة الأمية؛

  • توفير المحافظ والكتب المدرسية والحوامل الأخرى للتلاميذ في المناطق المهمّشة.

  • الاهتمام ببرامج تتعلق أساسا بالطفولة والمرأة، وإعادة الاعتبار للمبدع الأمازيغي؛

  • دعم مشاريع الجمعيات المتعلقة بالإبداع في مجال الإعلام ( برامج وثائقية، أفلام، برامج متخصصة: ثقافية، سياسية، صحية، اجتماعية) إلخ.

  • تنظيم أيام تكوينية لفائدة ممثلي الجمعيات في مجال بناء المشاريع ومحاربة الأمية؛

  • الحث على استصدار مذكرات وزارية حول محاربة الأمية بالأمازيغية؛

  • تمتين أواصر الاتصال بجمعيات آباء وأولياء التلاميذ.

  • العمل على ضمان الحماية القانونية للأمازيغية؛

  • انتهاج سياسة لا مركزية عبر إنشاء فروع أو منسّقين جهويين للمعهد؛

  • تخفيف مساطر التعاقد وتسريع وتيرتها؛

  • إعطاء الأولوية لمظاهر الثقافة الأمازيغية المهددة بالاندثار وخلق مشاريع تنموية تحافظ على استمراريتها؛

  • القيام بدراسات وأبحاث في التراث الأمازيغي المتعلق بالمؤسسات الاجتماعية والاقتصادية والقانونية لتأصيل وتوطين مفهوم التنمية البشرية والتنمية المستدامة؛

  • ضرورة إحداث مصلحة للأمازيغية على مستوى الوزارة؛

  • اعتبار فاتح السنة الأمازيغية عطلة رسمية.

و قد اختتم الملتقى بسهرة فنية شارك فيها كل من الفنانين: محمد ملال وعبد الواحد الحجاوي وسعيد الزروالي.