تحقيب تاريخ المغرب القديم بين التقسيم الإجرائي والدلالات الحضارية موضوع ندوة بالمعهد الملكي للثقافة الأمازيغية

أكد الأستاذ حسن ليمان، أستاذ علم الآثار ورئيس شعبة ما قبل الإسلام بالمعهد الوطني لعلوم الآثار والتراث، أن عملية التحقيب في التاريخ تعتمد على اختيار أحداث مهمة، ووصف هذه العملية بالصعبة وخاصة عندما نحاول تطبيقها على التاريخ الجهوي والمحلي.

 

وأشار في محاضرة ألقاها يوم الثلاثاء 3 يوليوز 2007 بقاعة المحاضرات بالمعهد الملكي للثقافة الأمازيغية، وذلك في إطار الأنشطة العلمية التي ينظمها مركز الدراسات التاريخية والبيئية، إلى أن التاريخ بصفة عامة يتكون من فترات متعارف عليها عالميا ومعمول بها إلى يومنا هذا، وهي:

 

  • التاريخ القديم والذي يبدأ بظهور الحروف الأبجدية وينتهي بسقوط روما؛

  • التاريخ الوسيط الذي ينتهي باكتشاف أمريكا؛

  • التاريخ الحديث والذي ينتهي بالثورة الفرنسية؛

  • التاريخ المعاصر الذي ينتهي بالحرب العالمية الثانية، والتي تشكل في حد ذاتها بداية التاريخ الحديث حسب الأستاذ المحاضر.

الصورة من اليمين السادة: الوافي نوحي، المحفوظ أسمهر باحثان بالمعهد
حسن ليمان الأستاذ المحاضر

 

وأبرز الأستاذ ليمان، في هذا اللقاء الذي حضره كل من السادة: أحمد بوكوس عميد المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية وعمار أكراز المدير المساعد للمعهد الوطني لعلوم الآثار والتراث ومصطفى أعشي أستاذ التاريخ القديم وعدد من المهتمين، الأهمية التي يكتسيها هذا التحقيب وخاصة أنه عملية أكاديمية محضة، تهدف تسهيل دراسة التاريخ، موضحا أن هذا التقسيم العالمي المنجز من طرف مؤرخي أوربا والغرب لا يخدم مصالح الحضارات الأخرى على اعتبار تغييب شعوب هذه الحضارات التي ساهمت بشكل مباشر أو غير مباشر في بناء الحضارة الإنسانية.

 

وبخصوص التاريخ القديم لشمال إفريقيا، أوضح الأستاذ المحاضر أن الحقب المعمول بها في هذه الفترة هي الحقبة الفينيقية والبونية والموريطانية والرومانية والرومانية المتأخرة.

 

الصورة من اليمين السادة الأساتذة: أحمد شعبيهي، مصطفى أعشي
أحمد بوكوس عميد المعهد، عمار أكراز

 

ووصف هذا التحقيب بالاستعماري لأنه يتحدث عن استعمار القرطاجيين والرومان لشمال إفريقيا، باستثناء الفترة الموريطانية وتساءل الأستاذ ليمان عن سبب تغييب دور الساكنة المحلية، وما هي أسباب إقصائها حتى في التسمية، وخاصة الأمازيغ، في الفترة المورية التي عرفت علاقات اقتصادية قائمة بين السكان المحليين والفينيقيين وخاصة على مستوى التبادل التجاري. كما أبرز أن منطقة شمال إفريقيا حافظت على استقلالها السياسي تجاه قرطاج، مضيفا أن الفترة الفينيقية القديمة عرفت تجمعات سوسيو اقتصادية وثقافية لأمازيغ شمال إفريقيا، وأعطى أمثلة من الفترة الموريطانية في عهد الملكين الأمازيغيين يوبا الثاني وبوكوس ( 80 ق م ) اللذين شكلت شمال إفريقيا في عهدهما قوة سياسية، بحيث ساهم يوبا الثاني في تطوير المؤسسات والمدن وأنشأ عاصمتين: موريطانيا الشرقية وموريطانيا الغربية.

 

وبعد تقديم شروحات حول كل فترة أشار الأستاذ ليمان إلى أن هذه الندوة تشكل مناسبة لتعميق التفكير حول إمكانية رد الاعتبار للتاريخ القديم ودور الساكنة المحلية في صياغة أحداثه، ودعا إلى وضع تحقيب علمي أكاديمي، ووضع كتابة جديدة لتاريخ المغرب تراعي العنصر المحلي، ورد الاعتبار لما قدمه في سجل التاريخ الإنساني، وذلك اعتمادا على تراكمات الوثائق والآثار.

 

وعلى هامش هذه الندوة أكد عمار أكراز في تصريح بالمناسبة أن مثل هذه اللقاءات تشكل مناسبة لإبراز أهمية الجذور التاريخية للحضارة الأمازيغية، وكذا البحث في الثقافة المادية للساكنة الأمازيغية، وذلك بشكل موضوعي علمي، خاصة وأن النصوص التاريخية قليلة إن لم نقل نادرة فيما يخص دور الأمازيغ في منظومة البحر الأبيض المتوسط انطلاقا من الفترات الفينيقية والرومانية، كما أشار إلى أن إعادة التحقيب يستلزم أبحاثا موضوعية وعلمية دقيقة.