السيد أحمد بوكوس: الخطاب الملكي بأجدير شكل قطيعة مع التصور الأحادي للثقافة المغربية

(أجرت الحوار حنان براي) الرباط-

أكد عميد المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية، السيد أحمد بوكوس، أن الخطاب الذي ألقاه جلالة الملك محمد السادس في 17 أكتوبر 2001 بأجدير (خنيفرة) شكل قطيعة مع التصور الأحادي للثقافة المغربية.

 

وقال السيد بوكوس، في حديث لوكالة المغرب العربي للأنباء، بمناسبة الذكرى الثامنة للخطاب الملكي بأجدير، 'إن خطاب العرش لسنة 2001، وخطاب أجدير، والظهير المتعلق بإحداث المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية، كلها عناصر أسست لسياسة لغوية وثقافية جديدة لبلادنا، حيث تم الاعتراف بتنوع أسس الهوية الثقافية المغربية'.
وأضاف أن جلالة الملك ألقى خطابا 'عصريا ومجددا للغاية' أكد فيه أن الهوية المغربية متنوعة ومتعددة الجوانب وتقوم على روافد متنوعة، أمازيغية، وعربية، ومن إفريقيا جنوب الصحراء، وإفريقية، وأندلسية، وأن هذا التعدد لا ينفصل عن وحدة الأمة.
وأشار السيد بوكوس إلى أن جلالة الملك رغب في نقل رسالة مفادها أن الثقافة الأمازيغية ليست حكرا على فئة معينة من السكان، لكن الأمر يتعلق بإرث مشترك بين جميع المغاربة الناطقين بالعربية أو الأمازيغية، وأنه لا وجود لأي صراع بين الثقافتين الأمازيغية والعربية بل إن في تكاملهما إثراء للثقافة الوطنية.
واعتبر أن من بين نقاط القوة أيضا، إشراك ممثلين لمختلف المكونات الوطنية، السياسية والنقابية والدينية والثقافية والاقتصادية والجمعوية، في حفل وضع الختم الشريف على الظهير المحدث والمنظم للمعهد الملكي للثقافة الأمازيغية.

 

  • المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية مؤسسة معنية بالنهوض بالثقافة الأمازيغية

يعتبر المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية مؤسسة أكاديمية مكلفة بحماية وتعزيز مكانة الثقافة الأمازيغية في الفضاء التربوي والسوسيو - ثقافي والإعلامي الوطني، وكذا في تدبير الشؤون المحلية والجهوية.
ويتوخى المعهد بالأساس العمل على تثمين وتطوير اللغة والثقافة الأمازيغيتين في إطار مشروع مجتمع ديمقراطي تعددي ومنفتح على العالم.
وحسب السيد بوكوس، فقد تم تحقيق مكتسبات مهمة في ميدان اللغة والثقافة الأمازيغيتين في مجالات التعليم والإعلام والبحث، مبرزا إسهام المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية الذي تعد حصيلته 'إيجابية'.
وأضاف أن المعهد يساهم بشكل يومي في تجسيد الإرادة الملكية الرامية إلى الحفاظ والنهوض باللغة والثقافة الأمازيغيتين، معتبرا أن نجاح مهمته يبقى رهينا بالجهود التي يتعين أن تبذلها جميع المؤسسات المعنية للانخراط بشكل ملموس وحازم في هذه الرؤية. وشدد على أن 'الإرادة السياسية حاضرة لكن ينبغي تجسيدها على أرض الواقع في إطار السياسات العمومية'.

  • تطور الأمازيغية في حقل التعليم

تميزت سنة 2003 بإدماج تعليم الأمازيغية في المنظومة التربوية الوطنية في إطار اتفاقية تربط بين المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية ووزارة التربية الوطنية.
وأوضح عميد المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية أن عدد المدارس ارتفع من 317 سنة 2003 إلى 3425 مدرسة حاليا، في حين ارتفع عدد المتعلمين من 25 ألف سنة 2003 إلى 516 ألف حاليا.
وأضاف أن عدد المدرسين عرف بدوره تطورا; إذ ارتفع من 807 مدرسين خلال سنة 2003 إلى 12 ألفا و182 مدرسا في الوقت الحالي، وأن عدد المفتشين والمشرفين التربويين ارتفع من 10 إلى 80 إطارا حاليا.
غير أن السيد بوكوس أشار إلى أن تدريس الأمازيغية لا يشمل حاليا سوى ثمانية في المائة من الساكنة المتمدرسة نظرا للنقص المسجل على مستوى الأساتذة.
وأكد السيد بوكوس، في السياق ذاته، على ضرورة تلقي المدرسين تكوينا مرضيا وملائما، معربا عن اعتقاده بأن وزارة التربية الوطنية مدعوة إلى بذل مزيد من الجهود في هذا الإتجاه، بالنظر إلى قلة مدرسي الأمازيغية الذين تلقوا تكوينا أوليا أساسيا على مستوى مراكز التكوين.
وذكر بأنه تم منذ سنة 2006 إحداث شعب على مستوى الماسترز والإجازة، خاصة في جامعات ابن زهر بأكادير، وسيدي محمد بن عبد الله بفاس، ومحمد الأول بوجدة .
وأشار السيد بوكوس الى إعداد كراس من قبل المعهد لتلقين الأمازيغية موجه للتلميذ، ودليل بيداغوجي للمدرس بالنسبة لجميع مستويات التعليم الأولي، علاوة على برامج إعلامية تسهل عملية تلقن اللغة.
وفي معرض حديثه عن مكانة الأمازيغية في وسائل الأعلام، أبرز عميد المعهد ضرورة تحسين البرمجة على صعيد القنوات الوطنية بشكل يمكن من تثمين الثقافة الأمازيغية، معربا عن أمله في أن تولي مؤسسات الإنتاج اهتماما أكبر لهذا الموضوع.
وأوضح السيد بوكوس، من جانب آخر، أن القناة الأمازيغية ستشكل وسيلة إعلامية للقرب تمكن من إدماج ملايين المغاربة الذين 'يحق لهم تلقي الأخبار بلغة يفهمونها'.

  • المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية: مؤسسة مرجعية في مجال البحث العلمي

تضطلع هذه المؤسسة بوظيفة أكاديمية ذات علاقة بالبحث العلمي، تؤمنها بنجاح. وبالفعل، يتم إنجاز أبحاث في مختلف ميادين المعرفة، خاصة منها علم الإجتماع، والأنتربولوجيا، والأدب، واللسانيات، والتاريخ.
وذكر السيد بوكوس بأن المعهد يتوفر على سبعة مراكز للبحث، وهي مركز التهيئة اللغوية، الذي يعنى بمعيرة اللغة الأمازيغية، وإعداد معاجم ووضع مصطلحات، ومركز البحث الديداكتيكي والبرامج البيداغوجية، الذي يهتم بتفعيل البحث في الميدان الديداكتيكي وإنجاز برامج تربوية، ومركز الأدب والفنون، ومركز الترجمة، ومركز التاريخ والجغرافيا، ومركز الدراسات السوسيولوجية والأنتربولوجية، ومركز الدراسات المعلوماتية .
وبخصوص المنشورات، أشار السيد بوكوس إلى أن المعهد أصدر لحد الآن 150 منشورا، وهو 'رقم ضخم بالنظر إلى التاريخ الحديث للمؤسسة'، مؤكدا أن 'المغرب لم يسجل به مثل هذا العدد من الأبحاث والمنشورات منذ إحداث المعهد للثقافة الأمازيغية'.
وخلص إلى أنه، وبمناسبة الذكرى الثامنة لتأسيسه، 'لا يمكننا إلا أن نسجل أن المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية أضحى مؤسسة مرجعية في مجال البحث والعمل من أجل النهوض بالأمازيغية'.