" اكتشافات أثرية جديدة بموقع أغمات " موضوع لقاء علمي نظمته البعثة الأثرية المغربية- الأمريكية بالمعهد الملكي للثقافة الأمازيغية

في إطار أنشطته العلمية نظم المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية، بتعاون مع مديرية التراث الثقافي التابعة لوزارة الثقافة، يوم 27 يونيو 2007 لقاءا علميا خصص لعرض نتائج التحريات والحفريات الأثرية التي باشرتها البعثة الأثرية المشتركة المغربية - الأمريكية بهذا الموقع منذ 2005، وذلك في إطار اتفاقية بين المعهد الوطني لعلوم الآثار والتراث وجامعة Vanderbilt الأمريكية.

 

وقد حضر هذا اللقاء العلمي، الذي نظم بإشراف من مركز الدراسات البيئية والتاريخية، السادة: أحمد بوكوس عميد المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية وأمينه العام السيد الحسين المجاهد وعبد الله صالح مدير التراث بوزارة الثقافة، فضلا عن عدد كبير من الباحثين المختصين والمهتمين.

 

الصورة من اليمين السادة: العربي الرباطي عبد الله فيلي رونالد ميسي.

 

استهل اللقاء بمداخلةٍ للأستاذ العربي الرباطي من المعهد الوطني لعلوم الآثار والتراث، توقفت عند التاريخ العريق لمدينة أغمات التي شيدها الأمازيغ، عند قدم سفح الأطلس الكبير، قبل دخول الإسلام إلى المغرب، ويتميز هذا الموقع بكونه مجالا غنيا بالثروات الطبيعية ويدخل ضمن المجال الذي تراقبه كونفدرالية قبائل مصمودة الجبل. وقد أهل هذا الموقع مدينة أغمات لتكون ممرا استراتجيا، لا بديل له، لقوافل التجارة الصحراوية وكذا مركز جذب لعدة تحركات بشرية قدمت إليها من مختلف ربوع المغرب.

 

كما توقف الباحث عند أهم المحطات التاريخية للمدينة، منذ عهد الدولة الإدريسية، لتصبح في ما بعد عاصمة لإمارة مغراوة خلال القرنين 10 و 11 للميلاد، وانتهاء باحتلالها من قبل المرابطين الذين جعلوا منها أول عاصمة لهم. وبعد ذلك شهدت المدينة انتعاشا اقتصاديا كبيرا إلى غاية نهاية العصر الموحدي، ليفل نجمها بسبب توالي الأزمات على الصعيدين السياسي والتجاري.

 

السادة: أحمد بوكوس عميد المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية، والحسين المجاهد الأمين العام.

 

 

وأوضح الأستاذ عبد الله فيلي، أستاذ التاريخ والآثار بكلية الجديدة، أن فريق البحث توصل إلى أن الحمام شيد خلال القرن العاشر، وظل يستعمل لنفس الغرض إلى غاية القرن 14، حيث تم التخلي عنه نهاية نفس القرن. كما تبين حسب الباحث أن الحمام تعرض بعد ذلك للإهمال، ليحل محله حي للصناعة التقليدية، مبرزا أن معالم ورشة تقليدية تبدو واضحة وإن كان يتعين فهم تطورها التاريخي وتنظيمها المحكم.

 

ومن جهته أشار السيد "Ronald Messier "، أستاذ بجامعة Vanderbilt بولاية تينيسي الأمريكية، في مداخلته إلى أن حمام المدينة، الذي يقع وسط النسيج العمراني العتيق للمدينة، مايزال هو المعلمة الوحيدة التي حافظت على كيانها.

 

وبعدما قدم لمحة عن تصميم هذا الحمام والأجزاء المكونة له ( عدد الغرف، الشكل الخارجي العام، الارتفاع...)، خلص إلى أن تصميم هذا الحمام يختلف عن تصاميم حمامات الفترة الإسلامية التي عرفت بالمغرب والأندلس خلال العصر الموحدي والمريني، بينما له أوجه شبه واضحة مع الحمامات الأندلسية للقرنين 11 و 12.

 


ويعتقد ميسي أن موقع أغمات، الذي عرف استقرارا بشريا إلى غاية القرنين 19 وبداية القرن 20، بإمكانه أن يعطي دفعة قوية للتنمية المحلية، نظرا لما يختزنه من ذاكرة تاريخية لمنطقة مراكش، وكذا لجماليته الأصيلة من الناحية العمرانية.

 

وأعلن في هذا اللقاء أنه تم إدراج " حمام أغمات " ضمن سجل التراث الوطني وإحداث "مؤسسة أغمات"، التي تروم تحقيق أهداف أساسية منها: ضمان الاستمرار في الحفريات والقيام بالترميمات الضرورية، خاصة أن الموقع يعكس، حسب المحاضرين، خصوصيات حضارية أمازيغية وإسلامية وعربية.

 

يشار إلى أن فريق الحفريات بأغمات يشرف عليه السادة الأساتذة: العربي الرباطي وعبد الله فيلي ورولان ميسي، وذلك بموجب اتفاقية أبرمت سنة 2005 بين المعهد الوطني لعلوم الآثار والتراث بالرباط وجامعة فاندربلت بالولايات المتحدة الأمريكية، من أجل التنقيب والمحافظة على "حمام " أغمات.

 

والجدير بالذكر أيضا أن بعثة 2007 استهدفت فهم المحيط المباشر للحمام، من خلال قيامها بتحريات أثرية استعملت فيها تقنية الكشف بالمغناطيس والرادار، ونتائج هذه الدراسة قيد التحليل. وفضلا عن هذا الجانب الأثري، يتضمن أيضا مشروع أغمات، شقا يهدف إلى المحافظة على الموقع وترميمه وتأهيله.

 

وعقب هذه العروض فتح باب النقاش أمام الحضور الذين طرحوا جملة من الأسئلة لامست مختلف الجوانب التاريخية والعمرانية لأغمات، وكذا تأهيله كموقع واعد للسياحة الثقافية، خصوصا وأنه قريب من مراكش، أحد أهم مراكز السياحة المغربية.