الحضارة القرطاجية بشمال إفريقيا القديم بين الأسس الليبية والتأثيرات الوافدة ) المجال – الإنسان - اللغة - الكتابة - الدين)

img_parution

من نهاية القرن 9 ق.م، تاريخ تأسيسها، وإلى غاية النصف الأول من القرن 2 ق.م تاريخ سقوطها تكون قرطاج قد أمضت ما يناهز السبعة قرون من الوجود بالجزء الشرقي لشمال إفريقيا، اتجهت المدينة خلالها اتجاها مغايرا لباقي المدن التي أسسها الفينيقيون بضفاف البحر الأبيض المتوسط، وذلك بفضل ارتباطها بمجالها الإفريقي بمؤهلاته البشرية والطبيعية والحضارية. وبقدر ما عكست تلك الاستمرارية عنصر تميز لقرطاج بقدر ما شكلت عامل جذب للأثريين والباحثين لفهم عوامل ذلك، التميز، وذلك لمدة تقارب القرنين، توالت خلالها الحفريات الأثرية والأبحاث التاريخية حول قرطاج وحضارتها ما يكفي من التراكم لجعلنا نتجه نحو طرح قضايا تاريخية أخرى.
وضمن هذا الأفق، تأتي هذه الدراسة التي قاربت عددا من جوانب الحضارة القرطاجية من زاوية تقييم دور العوامل الأجنبية والمحلية في انبثاق وازدهار هذه الحضارة التي قامت على الأرض الإفريقية. ويعد هذا التوجه بمثابة استمرارية للأبحاث التي أنجزت في الموضوع، يبني عليها ويستثمر نتائجها لطرح إشكالية المحلي والوافد في بعض مظاهر تلك الحضارة وفق مقاربة شمولية تحليلية ونقدية.