حوار مع ذ. أحمد بوكوس، عميد المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية: جريدة المسار الصحفي

 

1- بمناسبة اليوم العالمي للغة الأم الذي يصادف يوم 21 فبراير من كل سنة، ما هي نظرتكم لواقع الأمازيغية؟
لقد تحسن واقع الأمازيغية بشكل نوعي منذ الخطاب الملكي بأجدير سنة 2001. ويتجلى هذا التحسن في مجالات متعددة، منها الاعتراف الرسمي  بالثقافة الأمازيغية والاعتزاز بالهوية الأمازيغية وإحداث مؤسسة متخصصة في البحث العلمي وتتمثل في المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية، و إدماج  الأمازيغية في التعليم وفي الإعلام وأخيرا وليس آخرا ترسيم الأمازيغية. وهذه جميعها مكتسبات تاريخية. وطبعا، على الدولة ومؤسساتها، وعلى المجتمع ونخبه أن ترسخ هذه المكاسب وتمأسسها في إطار مقتضيات الدستور وتفعيل القوانين التنظيمية ذات الصلة.

 
2- كثيرون يقرون بأن الأمازيغية تتعرض للتضييق من عدة جهات، ومن ضمنهم الحزب الأغلبي للحكومة .. ما تعليقكم على الأمر؟ - وهل تلمسون وجود إرادة سياسية من أجل مواصلة مسار النهوض بالأمازيغية؟
 اليوم، أصبحت الأمازيغية لغة رسمية، وبامتيازها بهذه الصفة، فلها حقوق دستورية تتمثل في واجب الدولة حمايتها وتنميتها ومأسستها. وعلى مؤسسات السلطة التشريعية والسلطة التنفيذية العمل على تفعيل هذه الواجبات كيفما كانت توجهاتها العقيدية وميولاتها السياسية. نعم،  ثمة إرادة سياسية في مواصلة مسار النهوض بالأمازيغية، ولكن المسار ليس دائما بخط تصاعدي وليست الوثيرة دوما بالسرعة المأمولة. وحال الأمازيغية مثيل لحال قضايا أخرى لا تقل أهمية.

 

3- في نفس السياق الحكومي، ما هو تقييمكم للتعاطي الحكومي مع مشرعي القانونين التنظيميين المتعلقين بتفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية والمجلس الوطني للغات والثقافة المغربية؟ وكيف تم التفاعل مع مقترحاتكم في نقاش، مقتضيات مشروع قانون المجلس الوطني للغات والثقافة المغربية، التي تطرح علامات استفهام حول مصير مؤسسة المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية؟
غني عن البيان أن التماطل قد طال سيرورة إعداد  القانون التنظيمي القاضي بتفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية وإدماجها في المجالات الحيوية من جهة، والقانون الخاص بإحداث المجلس الوطني للغات وللثقافة المغربية. لما يعزى هذا التماطل يا ترى؟ هل يعزى لضعف الإرادة السياسية وإن كان ذلك فعلى أي مستوى من السلطة التنفيذية والسلطة التشريعية؟ وفي هذه الحالة فما هي طبيعة الطروحات والمواقف المتناقضة ؟  وربما يعزى ذلك التأخر إلى الخلافات بين مكونات الحركة الأمازيغية كذلك، وربما التماطل ناتج عن هذا وذاك.

في ما يهم المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية، فقد تصرف بصفته مؤسسة اقتراحية تبدي برأيها في الإجراءات والتدابير التي من شأنها أن تسهم في تفعيل مقتضيات الدستور  المتعلقة برسمية الأمازيغية، وبشكل خاص تلك التي تهم القانونين التنظيميين. وفي هذا الأفق، فقد سبق للمعهد أن قام بعدد من  العمليات الترافعية تجاه المؤسسات المعنية، وبعقد ندوات في الموضوع بمشاركة أساتذة وباحثين متخصصين في القانون الدستوري، إضافة إلى تنظيم أنشطة إشعاعية تروم التحسيس بأهمية القانونين التنظيميين. أما بخصوص "مصير المعهد" في تشكيلة المجلس الوطني للغات والثقافة المغربية، فمشروع القانون التنظيمي ينص على ضمّ المعهد إلى المجلس إلى جانب أكاديمية اللغة العربية وغيرها من المؤسّسات، كما ينص على  استحواد المجلس على ممتلكات المعهد مع الحفاظ على المكتسبات التي حققها المعهد.

 

4- من جانب آخر، الجميع يتحدث عن فشل إدماج وتعميم الأمازيغية في المنظومة التربوية، ما هي أسباب هدا الفشل في نظركم ومن يتحمل المسؤولية؟
لقد انطلقت سيرورة إدماج الأمازيغية في التعليم منذ سنة 2003-2004 في جو طبعته روح المسؤولية والمواطنة سواء من طرف القائم على أحوال التعليم أو من طرف عمادة المعهد، كما طبعه انخراط كبير على مستوى أطر الوزارة وأطر المعهد. وكانت بوادر نجاح التجربة جلية في أكثر من صعيد، وخاصة في مجالات إعداد الحوامل البيداغوجية والتكوين الأساس والمستمر للأطر التربوية وفتح المدارس والأقسام وعدد التلامذة المتعلمين. ولكن سيرورة التعميم بدأت تعرف بطئا ملفتا انطلاقا من سنة 2007. وبعد ذلك جاء تقرير المجلس الأعلى للتربية والتكوين لسنة 2009، ثم جاءت الرؤية الاستراتيجية للمجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي لما لها وما عليها...إذن، فالأمر لا يتعلق بالفشل المطلق لإدماج الأمازيغية في التعليم وتعميم تدريسها نتيجة لاستحالة مطلقة لتدريس الأمازيغية، بقدر ما يتعلق بفرملة سيرورة التعميم بدعوى غياب القانون التنظيمي الخاص بتفعيل الطابع الرسمي المحدد لمراحل التفعيل وكيفيات الإدماج في مجال التعليم. لذا، يمكن طرح الفرضية التي مفادها أن الذي يتحمل مسؤولية تراجع وتيرة تعميم تدريس الأمازيغية هو الذي ربط تفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية بإصدار القانون التنظيمي وهو المسؤول نفسه عن التماطل أو التأخر أو التأخير الحاصل في إصدار ذات القانون.

 
5-   كلمة أخيرة
في تقديري أن الأمازيغية قد وصلت منعطفا تاريخيا في سياق ترسيمها  والرهانات الجديدة التي أنتجتها التحولات العميقة الناتجة عن التناقضات الداخلية للمؤسسات وللمجتمع، بما فيه المجتمع المدني. وأملي أن تخدم النخب الجديدة مصالح وحقوق الإنسان الأمازيغي ومجاله ولغته وثقافته في ظل منظومة الوحدة في التنوع.